الثلاثاء 07 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 2 أيام
0
المشاهدات 2283
الخط

طلق زوجته لعدم الكفاية في استقامتها . . فما الحكم ؟

السؤال:

تقول الأخت من المنطقة الشرقية: أنا تزوجت إنسانًا أنانيًّا بمعنى الكلمة، لم يكن يحسب للعواطف ولا الإنسانية أي حساب، أي أنه جعل يتصرف دون تفكير، إنه جاد في كل شيء، وحين يتخذ قرارًا لا يرجع فيه، إنني كنت أُحبه، ولكن عندما اتضحت لي الحقيقة كرهته ولم أفكر فيه، أروي لكم قصتي حيث إنني في يوم من الأيام، قد نسيت صلاة الظهر والعصر، لم أصلهما، فاستغفرت ربي، وقد تكرر هذا الحدث، وفي كل مرة هو الذي يوجهني، وليس لأجل أنه يحبني ويريد الخير لي، إنما يريد أن يرصد الأخطاء ويحاسبني فيها في المستقبل، وعندما حاسبني للصلاة التي قد نسيتها، أردته أن يسامحني، وتظاهر لي بأنه قد سامحني، ولكنه بعد مضي فترة على زواجنا، وأنجبت طفلة، طلب مني أن ننفصل؛ لعدم كفاية ديني، وأنني أهمل في بعض المرات، والأهم من ذلك كله منذ تزوجنا أنه لا يريد أن يفهمني، ولا يتفاهم معي، وأنه يعاملني بأسلوب يصعب عليّ إظهار عواطفي وحبي له، بأنه يتهرب من الكلام معي، وعدم مصارحتي بما يجول داخله، وفي ذات مرة فوجئت بأنه عندما ذهب بي إلى أهلي، خطب فتاة، ولم يوافق أهلها؛ لأنه متزوج، ولديه طفلة، وعندما رجعت، قال: يجب أن ننفصل لأنني أريد امرأة متدينة، وذكر لي الحديث الذي يقول: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» فاعذريني، وأخذ يكلمني بأسلوب عرفت منه أنه ناوٍ أن يتزوج غيري، ولكني عرضت عليه جميع الحلول غير الطلاق، لكنه صمم، وطلقني دون ذنب، وأنا وابنتي الآن في حيرة، علمًا بأنه لم يتزوج متدينة، وكان زواجه في حفلة لبست زوجته الجديدة ثوب التشريعة، أرجو التفضل بالجواب وفقكم الله ؟

الجواب:

ما دام الطلاق حصل، فالعلاج الآن ليس له أثر كبير في حصول المطلوب، لكن إن قدر الله رجوعك إليه، فالواجب عليك لا من أجله، بل من أجل الله سبحانه وتعالى وعظمته، وما أوجب عليك من الحق، الواجب عليكِ، أن تهتمي بأمور الدين، وأن تحرصي على أداء الصلاة في وقتها، فمثلها لا ينسى، هي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالواجب عليكِ أن تكوني مثالية في الأخلاق الإسلامية، وفي أداء ما أوجب الله عليكِ، حتى لا يجد طريقًا إلى ذمّك وعيبك، وإلى التماس امرأة أدين منك، هذا الذي ينبغي منك، أن تكوني حريصة؛ لأن الله أوجب عليكِ أن تستقيمي على دينه، وأن تحافظي على ما أوجب عليكِ، وأن تحذري ما حرم الله عليكِ، فأنتِ إن شاء الله سواءً عند أهلكِ، أو إن رجعت إليه، الواجب عليكِ أن تهتمي بأمر الدين، وأن تحرصي على أداء ما أوجب الله، من الصلاة العظيمة في وقتها، بالخشوع والطمأنينة، وهكذا جميع ما أوجب الله عليكِ، من بر الوالدين، من صلة الرحم، من حظ اللسان عن الغيبة والنميمة، من حفظه عن السب والشتم والكذب، إلى غير ذلك، عليكِ أن تحرصي على كل ما أوجب الله، وهكذا صوم رمضان، تحرصين على أدائه كما شرع الله، مع التحفظ عن كل ما حرم الله، من غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو سب، أو غير ذلك، مما يجرح الصيام، وهكذا في الزكاة إذا كان عندك مال تزكينه، كما أمر الله، وهكذا في جميع الشؤون، تحرصين على حفظ دينك، وعلى ترك ما حرم الله عليكِ، وإن يسّر الله لكِ الرجوع، فكوني مثالاً طيبًا للمرأة الصالحة، ذات الخلق الكريم، بشوشة في وجه زوجك، تحبين له الخير، وتكرهين له الشر، ولو قدر أنه لم يعمل معك ما ينبغي من البشاشة وحسن الخلق، فكوني خيرًا منه، حتى يرجع إلى أن يتحسن خلقه، أن يعاملك بمثل ما تعاملينه، فعليكِ بتقوى الله في كل الأحوال، وإن قدر الله إليكِ الرجوع، فاحرصي على الأخلاق الفاضلة، واللين في وجهه، والبشاشة، والكلام الطيب، والمبادرة إلى فعل أوامره التي لا حرج فيها، وترك ما نهاكِ عنه من الأمور التي يجب أن تتركيها، وهي لا تتعلق بحق الله سبحانه وتعالى، المقصود أن تلتمسي أسباب رضاه، وأن تبتعدي عن أسباب سخطه، إلا في الأمور التي أوجبها الله عليكِ، فهذه أمور يجب عليكِ أن تفعليها، وهكذا ما حرم الله عليكِ، يجب أن تتركي ما حرم الله عليكِ، وليس لكِ أن تطيعيه ولا غيره في معصية الله سبحانه وتعالى، ومتى اجتهدتِ في الخير وفي الأخلاق الفاضلة، وفي معاملته بما ينبغي من الخلق الكريم، والعمل الطيب، والمسارعة إلى تحضير أوامره وامتثالها، فإنه سوف يرجع إلى العمل الطيب معكِ إن شاء الله، والسيرة الحميدة معكِ، وربما يستغني بكِ عن الزواج، نسأل الله أن يقدر لكِ وله كل خير، وأن يجمعكما على خير، إنه على كل شيء قدير. السؤال: سماحة الشيخ: إذا أذنتم لي، ألحظ على كتابة أختنا، أنها كتبت بصدق وموضوعية، فهي تقول: إنني نسيت فريضة كذا وكذا ثم تقول إنه يوجهني، لكن الرجل فيما يبدو جاد أكثر مما يجب، نصحتم المرأة جزاكم الله خيرًا وهي نصيحة ثمينة ولا شك، لكن ماذا عن الرجال يا سماحة الشيخ؟ هو رجل كذلك، عليه إذا قدر الله له الرجوع إليها، أو مع الجديدة، عليه أن يتقي الله، وأن يحسن المعاشرة فالله سبحانه يقول: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾[النساء: 19]، ويقول -عز وجل- : ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾[البقرة: 228]، فللزوجات حق عظيم، وإن كان حق الزوج أكبر، وله درجة فوق حقها، لكن يجب ألاّ يستغل درجته في إيذائها وظلمها، وعدم إنصافها، فلها حقّ كبير وله حق، وحقه أكبر، لكن عليه أن يؤدّيَ الحق الذي عليه، في حسن المعاشرة والتلطف بالمرأة، وطيب الكلام معها، وإعطائها حقوقها، هذا واجب عليه، وهي واجب عليها أن تبادله المحبة، والفعل الطيب والكلام الطيب، وأداء الحقوق وحسن المعاشرة، وأن تزيد فوق ذلك؛ لأن له عليها درجة، هذا هو واجبهما جميعًا، أما إذا أراد الزوج، أن تكون هي طيبة وهو ليس بطيب، هذا ليس من الإنصاف في شيء، بل يجب أن ينصفها، وأن يقوم بحقها، ويحسن معاشرتها، حتى ينشرح صدرها للقيام بحقه، وحتى تبادله المحبة والمعاشرة الطيبة، نسأل الله للجميع الهداية. سماحة الشيخ: هذه الجدّية الزائدة، أو هذه الصراحة، أو الشخصية القوية التي يسميها بعض الرجال، كيف تنصحونهم نحوها لو تكرمتم؟ الواجب على الرجل أن يحرص على التسامح، والعفو عن بعض الهفوات التي لا أهمية لها في حقه، وألاّ يطلب حقه كاملاً بل يتسامح ويعفو عن الكثير، هكذا ينبغي للرجل، وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته -عليه الصلاة والسلام- ، يكون لينًا معهن، طيب الخلق معهن، يعاشرهن بالمعروف، ويتسامح عن كثير مما قد تغلط فيه المرأة، أو يزل به لسانها، أو تجهله، أو ما أشبه ذلك، فالرّجل هكذا ينبغي له أن يكون سمح الأخلاق، طيب السيرة كثير العفو والصفح عما يتعلّق بحقّه، لا يطلب حقه كاملاً، بل يتسامح عن بعض الشيء، ثم إذا عاتب يعاتب بلطف، وكلام طيب، وعبارات حسنة، وتوجيه واضح، ليس فيه غلظة ولا شدة ولا عنف، اللهم إلا إذا كابرت وعاندت، فهذا هو محل الشدة عليها، بسبب عنادها وتكبرها وعنفها، أمّا ما دامت تلتمس فيه التوجيه، وكلامها طيب فينبغي له أن يكون أطيب.

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/41- 47)

أضف تعليقاً