الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

طلق زوجته قبل الدخول فهل يسترد مهره كاملا؟

الجواب
قد بين الله -عز وجل- في كتابه العظيم، أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول، فله النصف وليس له الجميع، قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾[البقرة: 237] فالزوج له النصف، والزوجة لها النصف إذا طلّقها قبل المسيس، يعني قبل الدخول بها، قبل وطئها وقبل الخلوة بها، الخلوة ملحقة بالوطء كما أفتى بذلك الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -؛ لأنها مظنة المسيس، فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة، فله النصف وإن طلّقها بعد الدخول بها، أو الخلوة بها فليس له شيء، المهر لها كاملاً، وهكذا ما يتبع المهر من الهدايا، التي من أجل النكاح، أو ما تعطاه المرأة ليلة الدخول بها، تبع النكاح حسب العادة المتبعة هو تبع المهر، أمّا إذا اختلفا وتنازعا وطلبت الطلاق، واصطلحا على شيء فلا بأس، وهنا يسمى خلعًا، إذا طلبت الطلاق أو اتفق معها على طلاق، على نصف المهر أو على ثلث المهر أو على أقل أو أكثر أو على أن تعطيه المال كله ويطلقها، هذا لا بأس به وهنا يسمى الخلع، المقصود أن الطلاق قبل الدخول والخلوة يكون المهر مناصفة، إذا كان مسمى، أمَّا إن كان ما سمَّى لها شيئًا، فإنما يكون لها متعة، يعطيها متعة ما يسَّر الله من كسوة، أو نقود يعطيها ويمتعها متاعًا فقط، كما قال سبحانه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾[الأحزاب: 49] وقال سبحانه تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 241] فإذا طلقها ولم يسمِ لها مهرًا قبل الدخول والخلوة، فإنه يعطيها متعة فقط ليس لها مهر، متعة للآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً﴾[الأحزاب: 49] هذه الآية في سورة الأحزاب، تبيّن لنا أن المطلقة قبل الدخول، وهكذا الخلوة إذا كانت ما سُمي لها مهر، لها المتعة أمَّا إذا سُمِّيَ لها المهر، فإنها تُعطى النصف كما في آية قوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾[البقرة: 241] إذا أعطاها النصف ومتعها بكسوة، أو بدراهم أخرى، أو بشيء مما ينفعها، هذا من الإحسان، من المعروف، ويروى أن الحسن بن علي -رضي الله عنه- وعن أبيه، طلق زوجتين من زوجاته، وبعث إليهما متاعًا قدره عشرة آلاف لكل واحدة، فإحداهما أخذته وقالت: جزاه الله خيرًا وسكتت، والثانية قالت: متاع قليلٌ من حبيب مفارق، فلما بلغه كلامها عطف عليها وراجعها - رحمه الله - ورضي الله عنه- ، فالمقصود أن المتاع فيه خير، وفيه جبر للمصيبة؛ لأنَّ الطلاق مصيبة، فإذا جبرها مع النصف بمعروف، أو أعطاها المهر كله ولم يأخذ شيئًا جبرًا لها، أو أخذ النصف ولكن أعطاها المتاع: كسوة أو دراهم أخرى، أو بيتًا أو أرضًا أو خادمًا، إذا كان موجودًا رقيقًا، أعطاها خادمة مملوكة كل هذا من المتاع الحسن، ومن مكارم الأخلاق.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/472- 475)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟