السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 4 أيام
0
المشاهدات 959
الخط

ضابط كلمة التوحيد المنجي من الخلود في النار.

السؤال:

كيف نجمع بين الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم: عن أبي الأسود الدؤلي أن أبا ذر حدثه فقال: أتيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو نائم، وعليه ثوب أبيض، ثم أتيته فإذا هو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فجلست إليه، فقال: «ما من عبد قال: «لا إله إلا الله» ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة! قلت: وإن زَنَى وإن سرق؟ قال: وإن زَنَى وإن سرق! قلت: وإن زَنَى وإن سرق؟ قال: وإن زَنَى وإن سرق! ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر، فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رَغِمَ أنفُ أبي ذر» . وبين ما نراه وما نقرأه عن أصحاب الفرق الضالة؛ كـ الرافضة والخوارج، وما يكون من المنافقين؛ حيث إنهم يشهدون شهادة التوحيد، ويموتون عليها؟ أفيدونا وفقكم الله وأثابكم؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. حديث أبي ذر -كما سمعتم- يدل دلالة ظاهرة على أن هذا القائل -أي: قائل: «لا إله إلا الله» - مؤمن حقاً؛ لكن سولت له نفسه ففعل بعض المعاصي، بل بعض الكبائر من الزنا والسرقة وغير ذلك. وطريق أهل السنة والجماعة أن الإنسان المؤمن، وإن فعل الكبيرة مآله الجنة، وما قبل الجنة من العقوبة راجع إلى الله عزَّ وجلَّ، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48] ، فصار جميع فاعلي المعاصي -وإن عَظُمَت- إذا كانت دون الكفر لا تمنع من دخول الجنة، فمآل فاعلها إلى الجنة؛ لكن قد يُعذَّب بما فعل من ذنب، وقد يغفر الله له، والأمر راجع إلى الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48] . أما المنافقون، وأهل البدع المكفِّرة التي تكفِّرهم بدعُهم فإنهم حقيقة لم يقولوا: «لا إله إلا الله» بقلوبهم؛ لأن هذا الانحراف الذي أدى إلى الكفر ينافي الإخلاص، وقولُ: «لا إله إلا الله» لابد فيه من الإخلاص. أما أن يقول: «لا إله إلا الله» وهو يعتقد أن لا رب ولا إله -والعياذ بالله- أو يعتقد أن مع الله إلهاً يدبر الكون، أو يعتقد -مثلاً- أن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ارتدوا كلهم بعد موته، أو يعتقد أن أبا بكر وعمر ارتدا بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك من البدع المكفِّرة، فهؤلاء لم يخلصوا في قول: «لا إله إلا الله» ، فكانت بدعُهم هذه تنافي قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «من شهد أن لا إله إلا الله -أو من قال: «لا إله إلا الله» - دخل الجنة» . السائل: أي: أن الرسول لم يقل: من قال: «لا إله إلا الله» باللفظ فقط، بمعنى: أن قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يشمل كل من قال: «لا إله إلا الله» ! الشيخ: لا. لا. بل لابد من الإخلاص، ولهذا استَمِعْ إلى قول الله تعالى في المنافقين: ﴿يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾[النساء: 142] ، وفي نفس السورة يقول: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾[النساء: 145] ، ويقول عنهم: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾[المنافقون: 1] هذه شهادة بالرسالة، ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾[المنافقون:1] أي: كاذبون في قولهم.

المصدر:

الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(45)

أضف تعليقاً