السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 ساعات
0
المشاهدات 2590
الخط

زوجها مخصي ولم يخبرها بعيبه . . . وحكم القاضي عليها برد المهر فما هو الحل؟

السؤال:

تقول السائلة: أرجو من سماحتكم، أن توجهوا كلمة لهذه الإنسانة البائسة الحزينة، تصبرونها بها وترفعون من معنوياتها، حيث إنها ستموت قهرا وحسرة وألما مما حدث معها، تزوجت من رجل يماثلني في المستوى الثقافي والاجتماعي، فأنا جامعية وهو جامعي، جئت به محرمًا معي للتدريس بالمملكة، واستمر زواجنا سنة وتسعة أشهر، عشت معه سنة عند أهله، حيث كان خجلًا لا ينكشف علي، وإذا أراد معاشرتي لا تلحظ منه شيئًا، وأنا لا أدري ما السبب ثم اتضح فيما بعد أنه مخصي؛ ولهذا كان يخفي حقيقة أمره عني، وهو كان متزوجًا قبلي بامرأة أيضًا، وانفصلت عنه، ولكن في الزواج الثاني نجح في اصطياد فريسته بالتضليل والغش والخداع، فعمل احتياطاته، كي تعيش معه الثانية، دون أن تلحظ ما به، ولكن لسوء حظه انكشف أمره في الفندق، حينما كانا يجهزان للسفر للمملكة، ففكرت أن ترجع لأهلها وتبلغهم بذلك، وتنفصل عنه، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة، حيث إنها اعتقدت أن ذلك قد يتطلب منها إرجاع ما خسره عليها من تكاليف الزواج، واستمرت في رحلتها للمملكة، واستمرت معه التسعة أشهر الأخيرة، ثم بانتهاء العطلة الدراسية، رفعت الدعوى للقاضي الذي فصل بينهما، وأرجع للزوج منها عشرة آلاف ريال، وهي تتساءل وتقول: هل من الممكن أن نشجع الغش والخداع مع مثل هؤلاء، ونعطيهم أيضا مكافأة غشهم وخداعهم، لقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : «من غشنا فليس منا» وهو لو لم يخادعها ويغشها لعاشت معه حتى لو لم ينجب الأولاد، ولكن لأنه خدعها وغشها فقد تركته غير آسفة عليه، ولكن ما قهرها إلا دفعها للعشرة آلاف ريال، إنها تحس بالظلم في تلك القضية، ومثل هذا الحكم سيشجعه على الزواج من الثالثة والرابعة والخامسة، دون أن يصارحها بحقيقة أمره، طالما أنه يضمن إرجاع المهر له، والعجيب في ذلك الغش أنه قد يذهب بالمرأة في متاهات، مثلما حدث مع الثانية التي كانت تعتقد أن إعاقة الحمل منها، تضررت بها أمه، وذهبت بها للأطباء، وادعى طبيب منهم أنه لا بد من إجراء عملية جراحية للمرأة، وفعلًا عملها لها الطبيب وهو ساكت، ولم يقل الحقيقة، وأمه أيضًا تعرف، ولكن لا تريد أن تثبت على ابنها شيئًا، فما رأي سماحتكم في تلك القضية، وماذا تقولون لهذه المظلومة، وماذا تقولون لأمثال هؤلاء الشبان الذين لا يصارحون زوجاتهم وفقكم الله؟ 

الجواب:

لا ريب أن الخداع والغش من المحرمات، المعلومة من الإسلام بالأدلة الصحيحة وبالضرورة، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: «من غشنا فليس منا» والله يقول جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[الأنفال: 27] فالواجب على الخاطب أن يبين الحقيقة، وألا يكتم عن المخطوبة ما هو عيب، مثل هذا الحادث، بل يشرح لها الحقيقة، حتى تكون على بينة، إذا كان به عيب الخصية، أو عيب آخر، وهو كونه لا يأتي النساء، من أجل مرض آخر أو علة أخرى، أو كونه يصرع أو ما أشبهه من العيوب المعروفة، الوجب عليه أن يبين للمرأة الحقيقة، فإذا لم يبين فلها الخيار، وليس له الحق في المهر، فإذا دخل بها وخلا بها، فلها المهر كله، وهو الظالم ليس له حق في ذلك، لكن هذه دعوى منك، لا نستطيع أن نحكم عليها، والقاضي الذي حكم بينكما نرجو أنه وفق للصواب، ولا ندري ما اعتمد عليه في إلزامك بالمبلغ الذي ذكرت فالذي أطمئنك به أنه ينبغي لك الصبر، وعدم الاكتراث بهذا الشيء، واحمدي الله الذي خلصك منه، والقاضي قد يكون له اجتهاد في ذلك، ورأى منك ما يقتضي ذلك، فالحاصل أنصحك بأن تسلي نفسك عن هذا الشيء، وتصبري وتحتسبي وتسألي الله للقاضي العفو عما حصل، إن كان أخطأ في حكمه وما عند الله خير وأبقى، وسوف يعوضك الله سبحانه، إن شاء الله عن هذا خيرا منه، فهو جل وعلا الحكيم العليم، والمظلوم ينتظر النصر، وما ذهب من مال المؤمن بغير وجه شرعي، فالله يخلفه عليه سبحانه، ويعوضه خيرا، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾[الطلاق: 2]، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾[الطلاق: 4] فاصبري واحتسبي واسألي الله العوض من عنده سبحانه وأن يهبك زوجا صالحا خيرا منه، والمال أمره سهل. والله المستعان. 

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(21/292- 296)

أضف تعليقاً