الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

رفض والده تزويجه حتى يحفظ القرآن حفظا متقنا فما الحكم؟

السؤال
والدي حريصٌ على أن أحفظ القرآن كاملاً، قبل كل شيء، أعلمته بأني أريد الزواج، وقال لا أسمح لك حتى تحفظ القرآن كاملاً، حفظًا متقنًا، إذا أخطأت في الجزء مرتين أعتبرك غير حافظ، وأقسمت بالله وأخذت العهد على نفسي على أن أحفظ القرآن، تم حفظ عشرين جزءًا بالشرط الذي شرطه والدي، وطلبت من والدي أن يسمح لي بالزواج، ثم أكمل الباقي لكنه رفض وذلك أثناء سفري في الإجازة إلى أهلي، وحصل نزاع بين الوالدين لهذا السبب أدى إلى الطلاق، ورجعت أنا غاضبًا على والدي إلى المملكة، وأقسمت أن أكمل حفظ القرآن، ثم دخلت الكلية ولم أتمكن من حفظ خمسة أجزاء، ولكني محافظ على الباقي ثم قلت لوالدي في جواب أقسم لك أنني تركت حفظ القرآن، واعتبرني عاقًا لك من الآن فصاعدًا والآن يا سماحة الشيخ أنا نادم على ما قلت لوالدي، هل يلحقني منه إثم، وهل أنا مأجور على الحفظ المشروط علي، علمًا بأنني أتدبر آيات القرآن هل يجب علي حفظه، وكنت أقصد بنفسي التأكيد على نفسي، وأقسمت بالله على عدم السفر إلى أهلي لمدة ثلاث سنوات، والآن أريد السفر بطلب من والدتي علي، ماذا أفعل؟ هل أسافر أم أبقى هنا؟ وأترك طلب والدتي أفيدوني جزاكم الله خيرًا أرجو أن تتفضلوا بتقديم نصيحة لوالدي لعله يستمع إليها ويستفيد، وأنا عازم على ترك الزواج والعكوف على طلب العلم وحفظ القرآن، هل هذا يجوز لي، على أن أكون داعيًا إلى الله على بصيرة وعلم، أم يجب علي الزواج ما دمت قادرًا، أرجو توجيهي
الجواب
لا شك أن والدك جزاه الله خيرًا، إنما فعل ما فعل وقال ما قال، قصده الخير لك ونفعك بحفظ كتاب الله العظيم، هو مشكور على قصده ونيته وعلى تشجيعه لك، ولكن ليس هذا بشرط من جهة النكاح، فنصيحتي للوالد أن يتسامح ويتنازل عن هذا الشرط، وأن يزوجك لما في الزواج من المصالح العظيمة، والخير الكثير لك وله، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» فنصيحتي لوالد مرة أخرى: أن يزوجك وأن يتسامح عما حصل منك، وأن تستبيحه أيضًا وتستسمحه عما كتبت إليه من العقوق، فقد أسأت فيما كتبت إليه، وما كان ينبغي لك ذلك؛ لأن والدك إنما قصده النصح وما جرى بينه وبين زوجته، ليس مما يعنيك أنت، بل عليك أن تتوسط بالخير والكلام الطيب، الحاصل أن عليك أن تستسمح والدك، وأن تسأله أن يعفو عنك، وأن تتوب إلى الله مما كتبت إليه، من العقوق والكلام الرديء، وعلى والدك جزاه الله خيرًا أن يسمح وأن يصفح عمّا جرى منك بسبب شدة الغضب، والرغبة في الزواج وأنت عليك أن تستسمحه، وتطلب منه الرضا والعفو عما جرى منك وأسأل الله أن يهديه حتى يزوجك وأن يهديك أيضًا، ويعينك على حفظ القرآن الكريم، وعلى تحصيل العلم النافع، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾[الطلاق: 2-3]. ويقول: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾[الطلاق: 4]. فأوصيك بتقوى الله في جميع الأحوال وأوصيك أيضًا بالحرص على إرضاء والدك وبره والسمع والطاعة له بالمعروف، والحرص على حفظ كتاب الله وهو إن شاء الله سوف يبادر، وسوف يفعل وسوف يزوجك، وإن كنت لم تكمَّل حفظ القرآن وعليك أن تجيب الوالدة، وتسافر وتكفر عن يمينك؛ لأن حق الوالدة عظيم أيضًا، وحقها أكبر من حق الأب، فنوصيك بالسفر إليها، والتكفير عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم واستسماح والدك والأخذ بخاطره، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يصلح حالك وقلبك وأن يوفق والدك بتزويجك، وأن يعينك على حفظ كتابه وعلى القيام بحقه سبحانه والدعوة إليه على بصيرة.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/37- 40)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟