الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم تكرار الوضوء أو الصلاة بسبب كثرة الوساوس

الجواب
هذا من الشيطان، هذا العمل الذي أصابك من الوساوس، هذا كله من الشيطان، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾[ الأعراف: 200]، فالإنسان يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول -جل وعلا-: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾[ الناس: 1-5]، فالواجب عليك أن تتعوذي من الشيطان، وألا تخضعي لعدو الله بهذه الوساوس، إذا دخلت في الصلاة فصلي الصلاة التي شرعها الله، كبري أولا، ثم استفتحي بقولك: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، هذا أفضل دعاء الاستفتاح، وإن استفتحت باستفتاح آخر مما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كفى، ثم تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم تقرئين الفاتحة: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾[ الفاتحة: 2] .. إلى آخرها، ثم تقرئين ما تيسر معها من السور والآيات، ثم تكبرين: الله أكبر، وتركعين في الهواء معتدلة، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتقولي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم ترفعين رأسك وتقولين: سمع الله لمن حمده. تقولينها مرة واحدة، ثم تقفين مستقيمة، وتقولين: ربنا ولك الحمد، بعد الاستقامة والوقوف: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. وأنت واقفة مطمئنة خاشعة، وتضعين يديك على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، وأنت واقفة تضعين اليمنى على اليسرى على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، ثم تنحطين للسجود وأنت مكبرة الله أكبر، وتسجدين على الجبهة وعلى الأنف والكفين والركبتين وأصابع الرجلين معتدلة، وترفعين بطنك عن فخذيك معتدلة وتقولين: سبحان ربي الأعلى، وترفعين ذراعيك من الأرض وتعتمدين على كفيك في الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى - ثلاثا – وتدعين الله -جل وعلا- في السجود، الرب -جل وعلا- يحب الدعاء في السجود، ومن أسباب الإجابة الدعاء في السجود، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء» فلتقل: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، بعد الثالثة تدعو: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أعذني من النار، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي. وتدعين الله بما تيسر، ثم ترفع وتقول: الله أكبر، وتجلسين على رجلك اليسرى، رجلك اليسرى تجلسين عليها واليمنى تنصبينها، وتقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي – وأنت مطمئنة – اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني، اللهم أصلح قلبي وعملي. كل هذا دعاء لا بأس به، ثم تكبرين: الله أكبر، وتسجدين السجدة الثانية تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. الأفضل ثلاثا فأكثر، والواجب مرة واحدة، وكلما كررت فهو أفضل، وأقل الكمال وأدناه هو ثلاث، ثم تدعين ربك في السجود مثلما فعلت في السجدة الأولى، اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو بهذا الدعاء، وإذا دعوت بدعاء آخر قلت: اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كان الوالدان مسلمين، كله طيب في السجود، ثم تكبرين قائمة للركعة الثانية، تسمين بالله وتقرئين الحمد وما تيسر معها، ثم تركعين مثل الركوع الأول سواء، تخضعين وتطمئنين، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتفرجين أصابعك على الركبتين، وتجافين العضدين عن الجنبين وأنت راكعة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ولو مرة، الواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم، والتكرار الثلاث أفضل، وما زاد فهو أفضل، وتقول مع هذا: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي - مثل ما تقدم – سبوح قدوس رب الملائكة والروح. إذا قلت هذا فهو طيب أيضا في السجود، كان النبي يقوله -عليه الصلاة والسلام- ، ثم ترفعين قائلة: سمع الله لمن حمده، وأنت رافعة من الركوع، وبعد الانتصاب تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. والواجب: ربنا ولك الحمد. والباقي سنة، ثم تنحطين مكبرة: الله أكبر. وتسجدين مثلما فعلت في الركعة السابقة سجدتين، في كل سجدة تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعين الله فيها، تجلسين بينهما جلسة مطمئنة بين السجدتين، خاشعة مطمئنة على رجلك اليسرى وتنصبين اليمنى، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم بعد الفراغ من السجدة الثانية تجلسين للتشهد الأول تقرئين التحيات، تتعلمينها، تدرسينها: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول هذا الرجل والمرأة، على المرأة والرجل جميعا، هكذا علم الأمة -عليه الصلاة والسلام- ، علم أمته هذا التشهد، والأفضل أن تصلين على النبي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. كالرجل سواء، ثم تقومين للثالثة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وإن قمت قبل الصلاة على النبي بعد قولك: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، كفى، ولا شيء في ذلك، ولكن الأفضل الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا التشهد، ثم القيام للثالثة تقومين مكبرة رافعة يديك عند التكبير عند القيام للثالثة كما ترفعين للإحرام كما في التكبيرة الأولى، وعند الركوع وعند الرفع منه، ترفعين يديك مثل الرجل، تقولين عند الرفع: الله أكبر، عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، رافعة يديك عند التكبير وعند التسميع عند رفعك من الركوع، عند قولك: سمع الله لمن حمده، تكونين رافعة يديك كالرجل، وعند القيام للثالثة من التشهد الأول ترفعين يديك مكبرة: الله أكبر. رافعة يديك كالرجل، ثم تكملين الصلاة، إن كانت أربعا صليت الثالثة والرابعة، تقرئين الفاتحة فقط، تكفي الفاتحة الحمد، ثم بعد ذلك إن كان عند الرابعة تأتين بهذا التشهد: التحيات لله، إلى آخره، وتصلين على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، ثم تقولين: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وتدعين أيضا بعد هذا الدعاء كالرجل: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أجرني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك – كله طيب – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، كله طيب، كالرجل سواء، تدعين الله بما تيسر قبل السلام، ثم تسلمين تسليمتين عن اليمين والشمال، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. هذا هو المشروع، وهذا التسليم لا بد منه، فرض لا بد منه، وبذلك تمت الصلاة، وإياك والوساوس، فإذا فعلت هذا فقد انتهت الصلاة ولا تعيديها، ولا تطاوعي الشيطان ولا تعيدي القراءة، اعلمي أنه من الشيطان، إذا وسوس في قلبك أنك ما فعلت قولي: كذبت – في نفسك – تكذبين بنفسك بقلبك، لا تطاوعيه، كملي الصلاة وانتهي منها، ولا تعيديها ولا الوضوء، حتى الوضوء إذا فرغت منه لا تعيديه ولا تطاوعي الشيطان، أنت ترين أعضاءك قد غسلتها والحمد لله، والصلاة كذلك، إذا فعلت ما ذكرنا فأنت قد صليت، واتركي الوساوس ولا تطاوعي عدو الله بإعادة الصلاة، بل اعلمي أنك بحمد الله انتهيت، وأن عدو الله إذا قال لك: ما صليت أو ما فعلت كذا، فهو كذاب، فاحذريه، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة، إذا أشغلك قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. واتفلي عن يسارك ثلاث مرات، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو كنت في الصلاة، النبي -صلى الله عليه وسلم- علم بعض الصحابة ذلك، فقد جاءه رجل من الصحابة فقال: «يا رسول الله، قد لبس الشيطان علي صلاتي. قال: اتفل عن يسارك ثلاث مرات وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» قال الصحابي: فعلت فأذهب الله عني ما وجدت – يعني زالت الوساوس – فأنت وهكذا غيرك من الناس من الرجال والنساء الذين يصابون بالوساوس عليهم أن يحذروا عدو الله، وأن يتعوذوا بالله من الشيطان، وألا يعيدوا وضوءا ولا صلاة، بل يكتفون بالمرة الواحدة، ولا ينقادون للشيطان إذا قال: ما فعلت، ما فعلت. لا بل يكذبه بقلبه، يرغمه ويستعيذ بالله من شره، ولا يطاوعه، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة، وفقنا الله وإياك للاستقامة، وأعاذنا وإياك من طاعة الشيطان، وأعاذنا أيضا وجميع المسلمين من طاعته ووساوسه.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(7/ 344- 352)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟