السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 3 أيام
0
المشاهدات 5054
الخط

حكم تأخير الزواج بسبب الدراسة

السؤال:

إنني طالبة في كلية الطب البشري، وقد مضى على التحاقي بهذه الكلية أربع سنوات، وكانت مكللة بالنجاح بحمد الله، وأنا حريصة على مواصلة الدراسة ولذلك، فإنني أحاول تجنب أي سبب يعوق سيري فيها، وأصمم على ذلك ثم إن أهم ما واجهني في ذلك كله هو رفضي للزواج لهذا السبب؛ لأن ذلك سيحتاج من وقتي الكثير، علمًا بأن الدراسة في هذه الكلية أهم عامل فيها، هو الوقت الذي إن لم نستغله استغلالاً كاملاً، فإن ذلك سيؤثر على التحصيل وعلى سير الدراسة، فهل يجوز لي أن أرفض الزواج أو أن أؤجله لهذا السبب، أم أنني آثمة في ذلك أرجو الإفادة بالتوضيح جزاكم الله خيرًا؟

الجواب:

إذا كنت لا تخشين شرًا، في إكمال الدراسة وأنت ليس عندك من الاندفاع إلى الزواج، مما يسبب خطرًا عليك فلا حرج في الإكمال، أمَّا إن كان هناك حاجة إلى الزواج خوفًا منك على نفسك، في هذه المدة التي تقضينها في الدراسة. فالواجب عليك الزواج والبدار به، حفاظًا على دينك وعفتك وسمعتك، جميعًا وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» هذا الحديث العظيم يدل على شرعية المبادرة بالزواج، وهذا يعم الشباب الذكور والإناث جميعًا، يعم الرجال والنساء وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب ذلك مع الاستطاعة، وقال آخرون إن خاف على نفسه أو خافت على نفسها وجب وإلا شرع فقط من دون وجوب، ومن تأمل حال الوقت وحال الناس اليوم، يتضح له أن الواجب البدار بالزواج إذا تيسر، ولو تأخرت الدراسة أو تعطلت الدراسة، فحفظ دينك وعفتك وسمعتك، مقدم على إكمال الدراسة، فعليك أن تتقي الله وأن تحرصي على سلامة دينك، وسلامة عفتك وسمعتك، من عدم ذلك ولا تؤثري الدراسة على ما يسبب هذا الخطر، يسبب عليك خطرًا في دينك وعفتك، فعليك أن تتقي الله وأن تجتهدي في أسباب السلامة، فإن قويت على إكمال الدراسة من دون خطر، فلا حرج إن شاء الله وإلا فالواجب البدار بالزواج إذا تيسر، والحرص عليه وإكمال الدراسة بعد ذلك، إن تيسر ذلك وإلا فلا حاجة إلى إكمال الدراسة، الزواج وعفة الفرج وعفة النظر، وحصول الأولاد أولى من إكمال الدراسة، هذا ما ظهر لي في هذه المسألة، وإن كان في الدراسة اختلاط وجب عليك ترك هذه الدراسة، والحذر من شرها والبدار بالزواج، أو بالجلوس في البيت حتى يسهل الزواج أو دراسة غير مختلطة، أمَّا الدراسة المختلطة مع الشباب في فصول الدراسة، فشرها عظيم وعواقبها وخيمة، والواجب عليك تركها والحذر من عواقبها الوخيمة، سواءً كانت في الطب أو في غير الطب مطلقًا، ويكفي المسلمة أن تتعلم ما يحفظ عليها دينها من كتاب الله وسنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ، وكفى والحمد لله ولا تعرض دينها وعفتها وسمعتها للخطر، وليس تعلم الطب ولا غيره من الأمور الأخرى غير الدين؛ لأنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإذا كان تعلم الطب أو غيره من العلوم الأخرى، يفضي إلى المضرة الدينية والخطر العظيم على العفة فإنه لا يجوز حينئذ، فالمقصود يكفيك أن تتعلمي من طريق الأسئلة، من طريق حلقات العلم التي تسمعينها من بعيد، من غير مخالطة للرجال مع الاحتجاب والعفة، والاحتشام فيما يحفظ عليك دينك، ويبصرك في دينك أو من طريق المذياع تسمعين إذاعة القرآن في المملكة العربية السعودية من هذا البرنامج نور على الدرب، أو غيره ما يعلمك دينك وما يحصل به لك البصيرة من دون حاجة إلى أن تتعلمي بواسطة الاختلاط، لما فيه من الخطر العظيم وهذا الأمر واجب على البرنامج وواجب على العلماء في كل مكان، وعلى العلماء في هذا البرنامج، واجب على الجميع أن يعلموا أبناءهم وبناتهم ما أوجب الله، وما حرم الله فإن أبناء المسلمين وبنات المسلمين أمانة في ذمة العلماء، والواجب على العلماء أينما كانوا في أي بلاد الله، أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا أبناء المسلمين وبنات المسلمين، ما يجب عليهم وأن يحذروهم مما يحرم عليهم، وأن يحذروهم من أسباب الخطر، والواجب على ولاة الأمور في كل دولة مسلمة، أو منتسبة للإسلام الواجب عليها أن تتقي الله وأن تفصل الرجال عن النساء، وأن تكون مدارس النساء منفصلة عن مدارس الرجال، وهكذا الكليات يجب أن تكون كلية الرجال منفصلة عن كلية البنات في كل شيء في الشريعة، في الفقه، في الآداب، في الهندسة، في الطب في أي شيء، يجب أن تكون الدراسة منفصلة، غير مختلطة وأن يتحمل المسؤولون النفقة في ذلك وسوف يعينهم الله ويخلف عليهم، ويؤيدهم الله وينصرهم إذا تحروا رضاه سبحانه، واتباع شريعته والحذر من أسباب الخطر على بلادهم وشعوبهم، هذا واجبهم جميعًا هذا واجب على جميع المسؤولين في أي دولة منتسبة للإسلام أن تتقي الله وأن تعمل على تعليم النساء وحدهن، والرجال وحدهم حتى لا تقع الفتنة وحتى لا يقع ما لا تحمد عاقبته من الفتنة والفساد والله المستعان. 

المصدر:

الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(20/50- 54)

أضف تعليقاً