الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

حكم الخوض في القضاء والقدر

الجواب
هذا باب خاضه الأولون وغلط فيه من غلط ، والواجب الحذر ، فعلى كل مؤمن وكل مؤمنة التسليم لله ، والإيمان بقدره سبحانه وتعالى ، والحرص على الأخذ بالأسباب النافعة الطيبة ، والبعد عن الأسباب الضارة كما علم الله عباده ، وكما جعل لهم قدرة على ذلك بما أعطاهم من العقول والأدوات التي يستعينون بها على طاعته وترك معصيته سبحانه وتعالى.
وينبغي عدم الخوض في هذا الباب ، والإيمان بأن الله قدر الأشياء وعلمها وأحصاها ، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه الخلاق العظيم القادر على كل شيء، وأن جميع الموجودات بخلقه وتقديره سبحانه وتعالى ، وأن الله أعطى للعبد عقلا وأسبابا وقدرة على الخير والشر كما يأكل ويشرب ويلبس وينكح ويسافر ويقيم وينام ويقوم إلى غير ذلك يطيع ويعصي .
ويخشى على هؤلاء الخائضين بالقضاء والقدر أن يحتجوا بالقدر أو ينكروه ؛ لأن قوما خاضوا فيه فأنكروه كالقدرية النفاة وقالوا: لا قدر ، وزعموا أنهم يخلقون أفعالهم ، وأن الله -تعالى - ما تفضل عليهم بالطاعة ولا قدر عليهم المعصية ، وقوم قالوا: بل تفضل الله بالطاعة ولكن ما قدر المعصية ، فوقعوا بالباطل ، وقوم خاضوا في القدر وقالوا: بأننا مجبورون أي: أنهم ما عليهم شيء، عصوا أو أطاعوا لا شيء عليهم ؛ لأنهم مجبورون ولا قدرة لهم ، فضلوا وأضلوا ، نسأل الله العافية .
ومجوس الأمة هم القدرية النفاة الذين ضلوا في القدر وقالوا: الأمر أنف ، والمجوس قالوا: إن للعباد إلهين؛ النور والظلمة، ويقولون: النور خلق الخير والظلمة خلقت الشر ، فشابههم نفاة القدر حيث جعلوا لله شريكا في أفعاله وأنهم يخلقون أفعالهم ، نسأل الله العافية. وعلى كل مسلم أن يؤمن بالقدر ، وأن يحذر الخوض في ذلك بغير علم كما خاض المبتدعة فضلوا ، وإنما الواجب على كل مسلم أن يؤمن بالقدر، وأن يسلم لله بذلك ويعلم بأن الله قدر الأشياء وعلمها وأحصاها ، وأن العبد له إرادة وله مشيئة وله اختيار ، لكنه لا يخرج بذلك عما قدره الله سبحانه وتعالى.
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز(28/371)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟