الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

حكم الحزن الشديد على الميت

الجواب
الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، فإن النياحة على الميت منكر من المنكرات لا تجوز، ومعصية، أما الحزن بدمع العين لا يضر، من دون صوت هذا لا يضر، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» وقد بكى -صلى الله عليه وسلم- على بناته لما متن، -عليه الصلاة والسلام- ، ولما عرضت عليه إحدى بناته طفلا لها في النزع، ورأى نفسه تقعقع للخروج دمعت عيناه -عليه الصلاة والسلام- ، فسئل عن هذا فقال: «إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» فحزنك عليها وبكاؤك عليها الذي ليس معه صوت لا يضر، أما النياحة ورفع الصوت هذا لا يجوز، أو شق الثوب، أو لطم الخد، أو نتف الشعر، كل هذا لا يجوز، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية» ويقول -عليه الصلاة والسلام-: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة» والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا لا يجوز، أما الدعاء لها والصدقة عنها فهذا شيء مطلوب، ومشروع، ولك فيه أجر، أنت مأجورة على ذلك الدعاء للوالدة، والترحم عليها، هذا أمر مشروع إذا كانت ماتت على إسلام، يدعى لها بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، ورفع الدرجات وتكفير السيئات، ويتصدق عنها كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» وفي الحديث الصحيح أن رجلا قال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: " نعم» يعني لها أجر الصدقة من ولدها، أو من غير ولدها، كله طيب، تتصدق عن الوالد، عن الوالدة، عن الأخ، عن الأقرباء، عن غيرهم من المسلمين ينفعهم، ينفع الأموات، وهكذا الدعاء لهم، والحج عنهم والعمرة، كل هذا ينفع الميت، وقضاء دينه ينفع، أما تمني الموت واللحاق بالموتى أو الدعاء به فهذا لا يجوز سواء كان الميت أبا أو أما أو أخا أو غيرهم، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا» هكذا رواه مسلم في الصحيح. وفي الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا محالة فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» هذا الدعاء طيب، وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» هذا الدعاء طيب، لكن قول: اللهم أمتني، أو: اللهم ألحقني بفلان - يعني أمتني - هذا لا يجوز، لا مع الوالدة ولا مع غيرها، فعليك التوبة من ذلك، والحمد لله قد تبت، نسأل الله أن يتقبل منك، أما إذا قال الإنسان: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي فهذا لا بأس به، أو قال: كما في حديث عمار: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي» كل هذا طيب، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ؛ لأنه أوكل الأمر إلى الله، ولم يتمن الموت، ولم يدع به، إنما أوكل الأمر إلى الله، وهو أعلم بأحوال عباده وما يصلحهم سبحانه وتعالى.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(14/ 416- 419)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟