الجواب
هذا السؤال مطول كما استمع إليه من يستمع هذا البرنامج، وفيه تقول إنها تحبنا في الله، فأسأل الله تعالى الذي أحبتنا فيه أن يحبها، وفيه أيضا حينما دعت بالتوفيق ورفعة الدرجات قالت في نهاية دعائها: إن شاء الله، ولا ينبغي للإنسان إذا دعا الله -سبحانه وتعالى- أن يقول: إن شاء الله في دعائه، بل يعزم المسألة ويعظم الرغبة، فإن الله -سبحانه وتعالى- لا مكره له، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾[غافر: 60]. فوعد بالاستجابة، فحينئذٍ لا حاجة لأن يقال: إن شاء الله؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- إذا وفق الإنسان للدعاء فإنه يجيبه، إما بمسألته، أو بأن يرد عنه شراً، أو يدخرها له يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة؛ فإن الله تعالى لا مكره له».
فإن قال قائلٌ: ألم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول للمريض: «لا بأس طهورٌ إن شاء الله»؟ فنقول: بلى، ولكن هذا يظهر أنه ليس من باب الدعاء، وإنما هو من باب الخبر والرجاء وليس دعاءً؛ فإن الدُّعاء من آدابه أن يجزم به المرء، وهذا التعبير يقع من كثيرٍ من الناس، وأما ما ذكرته من أن الرجل إذا دخل مغتسله فإنه يستقبل القبلة عند الغسل فهذا ليس بصحيح فإن جميع الذين نقلوا صفة غسل النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكروا أنه كان يستقبل القبلة حين اغتساله ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته إما بقوله وإما بفعله، فلما لم نجد ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع وجود سببه لو كان مشروعاً علم أنه ليس بمشروع وهذه القاعدة تنفع الإنسان في هذا المقام وغيره وهو أن كل شيء وجد سببه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يشرع له قولٌ أو فعل، فإنه ليس بمشروع، أي فإنه لا يشرع له قول ولا فعل. ومن ذلك النية -نية العبادة، أي التلفظ بها- فإن العبادات كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يفعلها ولا يتلفظ بالنية لها، ولو كان هذا مشروعاً لفعله، ولو فعله لنُقل إلينا، كذلك استقبال القبلة حين الغسل، نقول هذا: وجد سببه في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الغسل ولم ينقل عنه أنه كان يتجه إلى القبلة حين اغتساله، ولو كان مشروعاً لفعله، ولو فعله لنقل إلينا. نعم.