الخميس 17 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 26-03-2020

حكم الأضحية عن الميت

السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد بحثت مسألة الأضحية عن الأموات وقد اتضح لي من هذا البحث أن الأضحية المستقلة للميت لا تخرج عن حالين وكلاهما خطأ فيما يظهر لي والله أعلم بالصواب لأن الشيء وإن كان صحيحاً فإن وضعه في غير موقعه يجعله غير صحيح، فهي إما أن يقال: إنها أضحية، أو صدقة. فإن قيل: إنها أضحية فالأضحية المستقلة للميت ليس على مشروعيتها دليل صحيح صريح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وليست من عمل السلف الصالح رحمهم الله وقياسها على الصدقة غير صحيح؛ لأن القياس في العبادة لا يجوز.
وإن قيل: إنها صدقة، فالصدقة لا يشترط فيها ما يشترط في الأضحية فسواء ذبحت يوم العيد أو قبله، وسواء كانت صغيرة أو معيبة لا يؤثر ذلك عليها شيئًاً مادام أنها صدقة، وتختلف الأضحية عن الصدقة في أشياء كثيرة، وأيضاً فقد قالت اللجنة الدائمة للإفتاء: إن تخصيص الصدقة للميت بزمن معين بدعة، فإن قيل: نريد فضل عشر ذي الحجة. قلنا: الفضل يشمل العشر كلها وأنتم خصصتم منها يوماً واحداً فقط وهذا التخصيص مثل تخصيص بعض الناس العمرة في رمضان بليلة سبع وعشرين منه، وهذا التخصيص بدعة، فإن قيل: نريد العمل بحديث: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من اهرَاقَةِ دم»، قلنا: هذا حث للأحياء على الأضاحي المشروعة، وأنها أفضل لهم في ذلك اليوم من التصدق بثمنها، وليس فيه ما يدل على تخصيص الميت بأضحية؛ لأن القائل لهذا الكلام - عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام - رضي الله عنهم- الذين رووا هذا الحديث ونقلوه إلينا كان لهم أموات، وكانت الأموال متوفرة لديهم وتوفر أسبابها لديهم ومع علمهم بهذا الحديث لم يفعلوها وهم أحرص الأمة على الخير واتباع السنة. أفيدونا بارك الله فيكم هل هذا صحيح أم خطأ ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
الأضحية عن الميت إن كانت بوصية منه مما أوصى به وجب تنفيذها؛ لأنها من عمله وليست جنفاً ولا إثماً.
وإن كانت بتبرع من الحي فليست من العمل المأثور عن السلف الصالح؛ لأن ذلك لم ينقل عنهم، وعدم النقل عنهم مع توافر الدواعي وعدم المانع دليل على أن ذلك ليس معروفاً بينهم، وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم- حين ذكر انقطاع عمل ابن آدم بموته إلى الدعاء له، ولم يرشد إلى العمل له، مع أن سياق الحديث في ذكر الأعمال الجارية له بعد موته.
وقد قرأت ما كتبته أنت أعلاه فأعجبني ورأيته صحيحاً. وفق الله الجميع للعمل بما يرضيه.
لكن لا ننكر على من ضحَّى عن الميت وإنما ننبه على ما كان يفعله كثير من الناس سابقاً فإن الواحد يضحي تبرعاً عن الأموات ولا يضحي عن نفسه وأهله، بل كان بعضهم لا يعرف أن الأضحية سنة إلا عن الأموات إما تبرعاً، أو بوصية، وهذا من الخطأ الذي يجب على أهل العلم بيانه. كتبه محمد الصالح العثيمين في 16/8/1419 هـ .
المصدر:
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(17/243-245)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟