السبت 11 شوال 1445 | آخر تحديث قبل 6 ساعات
0
المشاهدات 509
الخط

حكم إرسال الأضاحي إلى مكان آخر

السؤال:

مسألة إرسال الأضحية إلى المجاهدين، البعض يقول: الأفضل أن ترسل إلى المجاهدين وتذبح عندهم، والبعض الآخر يقول: لا بل الأفضل أن تذبح هنا، فما توجيه سماحتكم جزاكم الله خيراً ؟

الجواب:

القائل: بأن الإرسال إلى هناك أفضل مخطئ في هذا القول؛ لأن الأضحية من شعائر الإسلام الظاهرة، وليس المراد بها شيئاً مادياً وهو الانتفاع باللحم، كما قال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾[الحج:37] وأهم مقصود منها: هو التقرب إلى الله بالذبح، حتى تكون شعيرة ونُسُكاً، ودليل ذلك: أن الأضحية لها أحكام خاصة: منها: أن تكون في وقت معين. ومنها: أن تكون من جنس معين. ومنها: أن تكون على وصف معين. ومنها: أن تخلو من العيوب. ولو كان المقصود مجرد اللحم لجازت في كل وقت، ومن كل جنس، وعلى أي وصف، ومعيبة أو غير معيبة، فمثلاً: الأضحية لا تكون إلا في أيام الذبح، يوم عيد الأضحى وثلاثة أيام بعدهن. وأيضاً: الأضحية لا بد أن تكون في يوم العيد من بعد الصلاة. ولا بد أن تكون من جنس معين، وهي بهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، فلو ذبحتَ فرساً وتصدقت به على أنه أضحية لم يجزئ. ولا بد أن تكون من سن معين، وهي: أن تكون جذعة من الضأن، أو ثنياً مما سواه، ولو كان المقصود اللحم لجازت في الفرس، ولجازت بما دون هذا السن. ولا بد أن تكون سليمة من العيوب التي بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «أربع لا تُجَوِّز الأضاحي: العوراءُ البَيِّنٌ عَوَرُها، والمريضةُ البَيِّنٌ مَرَضُها، والعرجاءُ البَيِّنٌ ضَلْعُها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي وليس فيها نقي» أي: ليس فيها مخ. ولو كان المقصود بها اللحم لجازت مع هذا العيب؛ لأن العوراء لا يؤثر عَوَرُها على لحمها. فإذا علمت ذلك تبين لك أن الأضحية عبادة مشروعة بذاتها، لا أنها مجرد تصدُّق باللحم، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين شاة اللحم وشاة الأضحية، فقال: «مَن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم ولا نسك له»، وهذا واضح من أنه ليس المقصود به مجرد اللحم، وإذا كان كذلك فإننا نرى أن لا يُبْعَث بالأضاحي إلى أفغانستان، ولا إلى غيرها من البلاد الإسلامية الفقيرة؛ لأن ذلك مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإن مِن هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أن يذبح الإنسان الأضحية بيده، فإن لم يُحسن وكَّل مَن يضحي. ومِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن يشهد الأضحية. ومِن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أمر الله به: أن يأكل منها، كما قال تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾[الحج:28] كلوا منها، والأصل في الأمر الوجوب، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب أكل المضحي من أضحيته، وكيف يتأتى الأكل وهي في الشرق أو في الغرب ؟! ومن هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأضحية: أن يسمي عليها، فيقول: «باسم الله والله أكبر، هذا منك ولك، عني وعن أهل بيتي» وكيف يمكن هذا وهي في الشرق أو في الغرب ؟! ولا شك أننا لو قلنا بإرسال الأضحية إلى بلاد أخرى لعطلنا البلاد الإسلامية من هذه الشعيرة؛ لأن كل الناس يحبون الأفضل. فإذا قيل لَهُم: الأفضل أن تبعثوا بأضحياتكم إلى المكان الفلاني، تعطلت البلاد الإسلامية من هذه الشعيرة الإسلامية. ثم إن الأضاحي من أحكامها: أنه إذا دخل العشر فإن الإنسان يُنْهَى أن يأخذ شيئاً من شعره، أو بشرته، أو ظفره، حتى يضحي، وإذا أرسلتها يميناً أو شمالاً فلا تدري متى يضحون! فهذه الفتوى لا شك أنها خطأ، ومن أراد أن ينفع المسلمين فليفعل؛ لكن بغير الشعيرة الإسلامية، فالشعائر تبقى، ونفع المسلمين يحصل من باب آخر.

المصدر:

الشيخ ابن عثيمين من لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم(2)

أضف تعليقاً