الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

تأويل الإمام مالك رحمه الله لحديث قبض اليدين في الصلاة والجواب عنه

السؤال
السؤال الأول من الفتوى رقم(5852)
جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك رحمه الله (ج: 1) باب وضع اليد على اليد: سئل مالك عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة فقال: لا أعرف ذلك في الفريضة ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس به يعين به على نفسه. فهل معنى ذلك: أنه لا يستحب وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الفريضة ؟
فإن قيل: إنه ثبت في السنة القبض. قلت نعم ثبت ذلك من رواية مالك في الموطأ فكيف يقول لا أعرف ذلك وهو الذي روى الحديث في الموطأ وعنه أخذه الشيخان. فمعنى ذلك أنه لا يعرف العمل على هذا الحديث، وأنتم تعلمون جلالة علم مالك وتشدده في التمسك بالسنة وآثار الصحابة، فهل يكون قوله هذا ناسخًا للحديث مع العلم أني درست بعض كتب أصول الفقه والحديث وأطمئن للأصل الذي اتبعه مالك في أن إجماع أهل المدينة ناسخ للحديث إذا لم يكن هناك مخالف من التابعين في قطر آخر فإن قيل: إن قول مالك: (لا أعرف) لا يدل على إجماع أهل المدينة، قلت هذا فيه نظر؛ لأنه لو وجد فيه خلاف لعرفه ولو عرفه لذكره. فلما لم يكن هناك خلاف دل على أن هناك إجماع. فإن قيل يحتمل أنه لا يعرف في ذلك حديثا فلما وجد رواه في الموطأ: هذا مردود بقوله (ولكن النوافل إذا طال القيام) فهذا يدل على معرفة مالك واطلاعه على الحديث ولكن حمله على النوافل دون الفرائض كما في مسألة من أكل أو شرب ناسيا في رمضان عند الإمام مالك. ثم جواب آخر وهو أنه إنما روى الحديث حتى لا يظن به أحد أنه خالف الحديث، أو أنه لا يعرف الحديث وإنما يعرف الحديث ولا يعمل به. وجواب آخر أن الراوي إذا روى الحديث لا يدل ذلك على عدم نسخ الحديث وإن كان الحديث صحيحا. وجواب آخر أن ابن القاسم كان من الملازمين للإمام مالك وحفظ الموطأ فلو أن الحديث غير منسوخ لرد قول الإمام مالك.
الجواب
الحديث صحيح عند أئمة الحديث جميعًا ومنهم مالك بن أنس - رحمه الله - وليس بمنسوخ لا بعمل أهل المدينة ولا بغيره، وإنما تأوله مالك - رحمه الله - بحمله على وضع اليد اليمنى على اليسرى في النوافل ليستعين بذلك إذا طال قيامه فيها، ولا يفعل ذلك في الفريضة في نظره، ولذا قال: لا أعرف ذلك في الفريضة ولم يقل لا أعرف مطلقًا حتى يتعارض مع روايته هذا الحديث. وإنما تأوله كما تقدم تصريحه بذلك، والصحيح أن عمل أهل المدينة ليس بحجة؛ لأنهم غير معصومين وإنما المعصوم إجماع الأمة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(6/368 -370)
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟