الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

بيان معنى قوله تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى...) وقوله : (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى..) من هما الرجلان المذكوران في الآيتين

الجواب
قبل الإجابة على السؤال ينبغي أن نعلم أنه إذا جاء المسمى مبهماً في القرآن أو في السنة، فإن الواجب إبقاؤه على إبهامه وأن لا نتكلف في البحث عن تعيينه؛ لأن المهم هو القصة والأمر الذي سيق من أجله الكلام للاعتبار والاتعاظ وكونه فلاناً أو فلاناً لا يهم فالمهم الأمر الواقع فالقرآن الكريم لم يبين الله تعالى فيه هذا الرجل في الآيتين الكريمتين بل قال في سورة القصص: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾[القصص: 20] وفي سورة يس قال: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾[يس: 20] فقدم الرجل في سورة القصص وأخره في سورة (يس) ولم يبين ذلك ومحاولة الوصول إلى تعيينه ليس وراءها فائدةٌ تذكر وعلى هذا فلا ينبغي أن يشغل الإنسان نفسه بتعيين مثل هذه المسميات بل تبقى الآيات والأحاديث على إبهامها ويوجه المخاطب إلى أن المقصود الاعتبار لما في القصة من أحكامٍ ومواعظ. أما تفسير الآيتين ففي سورة القصص غيّب الله سبحانه وتعالى لموسى رجلاً ناصحاً جاء من أقصى المدينة يخبر موسى عليه الصلاة والسلام بأن الملأ وهم الأشراف والأكابر في المدينة يتشاورون ماذا يصنعون بموسى عليه الصلاة والسلام الذي قتل أحدهم أي أحد الأقباط وكان هذا من تيسير الله عز وجل لموسى -صلى الله عليه وسلم-ولهذا أرشده الرجل بأن يخرج قال فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفاً يترقب وذكر الله تمام القصة، أما في سورة (يس) فإن الله سبحانه وتعالى أرسل إلى أهل القرية رسولين فكذبوهما وأنكروا رسالتهما فأرسل الله تعالى رسولاً ثالثاً يعززهما به أي يقويهما به ولكن مع ذلك أصروا على الإنكار وجرى بينهم وبين أهل هذه القرية ما جرى فجاء من أقصى المدينة وهنا قدم الأقصى من أقصى المدينة للاهتمام بهذا الأمر وقال من أقصى المدينة يعني مع بعده جاء إلى قومه: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِي لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾[يس: 20-22] إلى تمام القصة كان هذا ناصحاً لقومه مرشداً لهم وكان عاقبته أن قيل له ادخل الجنة ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ﴾[يس: 26-27].
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟