الجواب
الغيبة محرمة، شديدة التحريم، لقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾[الحجرات: 12] ولما ثبت عن أنس - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، قلت: من هؤلاء يا جبرائيل ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الغيبة بأنها ذكرك أخاك بما يكره.
وتجوز في مواضع معدودة دلت عليها الأدلة الشرعية إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ كأن يستشيرك أحد في تزويجه أو مشاركته أو يشتكيه أحد إلى السلطان لكف ظلمه والأخذ على يده- فلا بأس بذكره حينئذ بما يكره؛ لأجل المصلحة الراجحة في ذلك. وقد جمع بعضهم المواضع التي تجوز فيها الغيبة في بيتين فقال: الذم ليس بغيبة في ستة ... متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن ... طلب الإعانة في إزالة منكر
أما إذا لم يكن هناك مصلحة راجحة في ذكره بما يكره فإنه يكون من الغيبة المحرمة.
وأما السؤال عن لفظ: «لا غيبة لفاسق» هل هو حديث أو لا ؟ فقد قال الإمام أحمد: منكر، وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل.
ولكن دل على أنه لا غيبة لفاسق قد أظهر المعصية ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «مر عليه بجنازة فأثنى عليها الحاضرون شرا، فقال - صلى الله عليه وسلم - : (وجبت) ومر عليه بأخرى فأثنوا عليها خيرا، فقال - صلى الله عليه وسلم - : (وجبت) فسألوه - صلى الله عليه وسلم - عن معنى قوله وجبت ؟ فقال: (هذه أثنيتم عليها شرا فوجبت لها النار، وهذه أثنيتم عليها خيرا فوجبت لها الجنة، أنتم شهداء الله في أرضه)»، ولم ينكر عليهم ثناءهم على الجنازة شرا التي علموا فسق صاحبها، فدل ذلك على أن من أظهر الشر لا غيبة له.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.