الثلاثاء 15 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

بيان أفضل الدعاء يوم عرفة

الجواب
ليس في هذا شيء مخصوص، فإنه يدعو بما تيسر، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» لكن في إسناده ضعف، ومعناه صحيح، فإن يوم عرفة يوم عظيم، وهو أفضل أيام السنة عند قوم من أهل العلم، وقال آخرون: بل أفضلها يوم النحر، وكلا القولين له حظ من القوة، والمقصود أن يوم عرفة يوم عظيم، وصح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته»فيوم عرفة يوم عظيم، وليس في الدنيا يوم أكثر أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة، فينبغي أن يكثر من الدعاء، وأن يجتهد في الدعاء، ويكثر من: لا إله إلا الله؛ فإنها دعاء، وفي المعنى ذكر ودعاء، هذه الكلمة العظيمة ذكر الله سبحانه وتعالى، وهي في المعنى دعاء؛ لأن الذاكر إنما ذكر يطلب الأجر، ويطلب الفضل من الله سبحانه وتعالى، ولهذا روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء بسؤال الجنة والتعوذ بالله من النار، ويسأله العفو: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. وسؤاله القبول قبول الحج، والمغفرة من الذنوب والأوزار، وسؤال الله لولاة الأمور -ولاة أمر المسلمين- أن يصلحهم الله، وأن يوفقهم للقيام بحقه، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يصلح أحوالهم وبطانتهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباد الله، والحذر من تحكيم القوانين الباطلة، هذه من الدعوات الطيبة، والحاج يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، يسأل ربه فإنه حري بالإجابة، ويكثر من الحمد لله، يثني على الله ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، كل هذا من أسباب الإجابة، يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا من أسباب الإجابة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: " عجل هذا" ثم قال: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بما شاء» فدل ذلك على أن البداءة بالحمد والثناء والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- من أسباب الإجابة، والواقفون بعرفة ينبغي لهم أن يفعلوا هذا فإنهم في موقف عظيم، ودعاؤهم ترجى إجابته، فينبغي الإكثار من الدعاء بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ثم يدعو ويلح في الدعاء، ويكثر من الدعاء، هذا كله من أسباب الإجابة، كذلك رفع اليدين، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- رفع يديه في دعاء يوم عرفة، وفي مزدلفة رفع يديه، فيستحب للحاج في يوم عرفة أن يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء ويكثر من الدعاء حتى تغيب الشمس كما فعله المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، ويدعو لوالديه المسلمين، ويدعو لأقاربه المسلمين، ويدعو للمسلمين عمومًا أن يصلحهم الله، وأن يثبتهم على الحق، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يعلمهم ما ينفعهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، والثبات على الحق، يدعو للمسلمين في سائر الدنيا، يدعو لهم أن الله يوفقهم ويهديهم ويصلح أحوالهم، ويمنحهم الفقه في الدين. وهكذا في مزدلفة، إذا وقف في مزدلفة في أثناء الليل أو كما هو السنة بعد صلاة الفجر يدعو ويلح في الدعاء، ويرفع يديه يدعو للمسلمين عمومًا، ويدعو لوالديه المسلمين، ولقراباته المسلمين، ويدعو لنفسه بالصلاح والتوفيق وحسن الختام، يدعو الله أن يصلح قلبه وعمله، وأن الله يفقهه في الدين، يدعو الله عز وجل لحكام المسلمين في كل مكان أن الله يصلح قلوبهم وأعمالهم، ويصلح لهم البطانة، وأن الله عز وجل يوفقهم للحكم بالشريعة، والتحاكم إليها، وإلزام الناس بها، ونهيهم عن كل ما حرم الله، وإقامة الحدود عليهم حتى يستقيم أمر المسلمين، وحتى يسلموا من غضب الله وعذابه، وحتى ينصرهم الله على عدوهم، فإن تحكيم الشريعة والاستقامة عليها من أسباب النصر والتوفيق، ومن أسباب هداية الله للعباد، ومن أسباب إعانتهم على عدوهم، ونصرهم على عدوهم كما قال الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[محمد: 7] وقال سبحانه: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾[الحج: 40-41] وقال سبحانه: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الروم: 47] وعظم شأن الحكم بالشريعة فقال: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[النساء: 65] الله المستعان.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(17/ 398- 403)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟