الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 23-03-2020

الواجب على المسلم التسليم التام لأمور الغيب . .

الجواب
أولاً: أنصح أخي السائل والمستمعين: أن مسائل الغيب لا يجوز فيها أن يعارض بعضها ببعض، فيجب أن نقبل أن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى يوم القيامة، ويجب أن نؤمن بأن محمداً رسول الله سمع صريف الأقلام ما دام كل منهما صحيحاً، يجب علينا أن نؤمن ولا نقول: لماذا أو كيف؟ لأن هذه أمور غيبية كما أننا نؤمن بأن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، هل يقول قائل: كيف ينزل وهو فوق كل شيء؟ نقول: لا يجوز هذا، الأمور الغيبية قل: سمعنا وصدقنا ولا تعارضها، أسألكم كلكم الآن: هل يستطيع رجل منكم أن يصف لنا نفسه التي بها حياته؟ لا: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾[الإسراء: 85] كيف تحاولون أن تعرفوا صفة الرحمن عز وجل أو تعرفوا أقداره؟ هذا لا يمكن.
نصيحتي لكل شخص أن مثل أمور الغيب يجب أن يؤمن بها ولا يسأل، أشرنا قبل قليل في المعراج أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى بالرسل إماماً في بيت المقدس، وحين صعد إلى السماء وجد فيها من المرسلين من وجد، هل نقول: كيف يكون ذلك؟ أبداً، الأمور إذا صحت في القرآن أو في السنة قل: آمنا بالله ورسله، لا تضرب القرآن بعضه ببعض ولا السنة بعضها ببعض، هذه أمور أكبر من عقولنا.
على أنه لا يستحيل عقلاً أن تكتب الأشياء مرتين، الإنسان مثلاً عنده دفتر يكتب فيه اليوميات ويعيدها أيضاً مرةً ثانية في أوراق أخرى هذا ممكن عقلاً؟ على أن الأمور الغيبية لا تحاول أن تقيسها بعقلك؛ لأنها أكبر من عقلك.
فنقول: إن الله تعالى قال: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾[الرحمن: 29] كل يوم هو في شأن عز وجل، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهذه الأقلام التي سمعها الرسول عليه الصلاة والسلام من الممكن أن تكون أقلاماً تعيد ما كتب في اللوح المحفوظ، والله أعلم، إن كان هذا هو الحق فالحمد لله الذي وفقنا له، وإن كنا أخطأنا فنستغفر الله ونتوب إليه، لكننا نؤمن بما أخبر الله به ورسوله، وإياك -أيها الأخ- أن تعارض القرآن بعضه ببعض أو السنة بعضها ببعض هذه أمور غيبية، الأمور الحكمية الفقهية لعقل الإنسان فيها مجال ومدخل، أما الأمور الخبرية المحضة فلا تتعب نفسك.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى اللقاء الشهري، لقاء رقم(40)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟