الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

القول في صيام من لا يصلي

الجواب
هذه مسألة عظيمة قد تنازع أهل العلم فيمن ترك الصلاة كسلا وتثاقلا لا عن جحد الوجوب، فقال جمع: إنه لا يكفر بذلك، وقد أتى منكرا عظيما أعظم من الزنى وأعظم من الربا وأعظم من سائر المعاصي.
قالوا: لكن لا يكفر كفرا أكبر بل يكون فيه كفر وفيه شرك، ولكن لا يكون كفرا أكبر وهذا هو المشهور بمذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة وقال آخرون من أهل العلم: يكفر بذلك إذا ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها وهذا هو المعروف عن الصحابة والمنقول عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة» يعني كفرا أكبر؛ لأن هناك أعمالا فيها كفر لكن أصغر مثل الحلف بغير الله ومثل البراءة من الأنساب وما أشبه ذلك، لكن مراده -رضي الله عنه- أنهم يرونه كفرا أكبر هذا هو الظاهر من سياق كلام عبد الله بن شقيق العقيلي وأعظم من هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» هذا صريح، والكفر معرف بالألف واللام، الكفر والشرك، ومتى عرف الكفر والشرك بالألف واللام فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر وثبت في المسند والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» وفي المسند وسنن الترمذي عن معاذ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» فبيت سقط عموده هل يبقى؟ ما يبقى البيت إذا سقط عموده.
وثبت أيضا في الصحيحين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قيل له لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها: «وتعرف منهم وتنكر قال الصحابة: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة» وفي لفظ آخر: «حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» فجعل ترك الصلاة كفرا بواحا فيه البرهان فهذا هو القول الأرجح أنه متى تركها تكاسلا عامدا كفر كفرا أكبر لا يصح صومه ولا غيره من عباداته، فمن صام ولم يصل فلا صوم له - نسأل الله العافية - أما إذا جحد وجوب ذلك وقال: ما علي صلاة، أو استهزأ بها، استهزأ بالصلاة واستهزأ بالمصلين فهذا كفره أكبر عند جميع العلماء إذا استهزأ بها ولو صلى أو جحد وجوبها كفر إجماعا عند جميع أهل العلم؛ لأنه مكذب لله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(6/ 109- 112)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟