الأربعاء 16 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

الحكمة من مشروعية الطلاق

الجواب
الحكمة من مشروعية الطلاق ليست واحدة بل هي متعددة؛ وذلك لأن الطلاق له أسباب:
منها: أن تكره المرأة زوجها فإذا كرهت المرأة زوجها فإنه يستحب له إذا رأى أن بقائها عنده يلحقها به هم وغم ونكد فإن الأفضل أن يطلقها طلبا لراحتها وهذه من الحكم أن يفك أسر هذه الزوجة التي تكره المقام عنده وتسلم من النكد ومنها أي من الحكمة أن الزوج قد يكره المرأة ولا يطيق الصبر معها فشرع له الطلاق تخلصاً من هذا الأذى.
ومنها: أن يتبين في المرأة شيء لا يطيق الصبر معها من الأخلاق التي لا تحمد فلا يحب أن تبقى معه
وهناك حكم أخرى لا تحضرني الآن لكن أحب أن أنبه على مسألة مهمة وهي أنه لا يجوز للإنسان أن يطلق زوجته إلا إذا كانت حاملًا أو طاهرًا من الحيض في طهر لم يجامعها فيه فإذا كانت حاملا فإن طلاقها طلاق سنة نافذ لقول الله تعالى في سورة الطلاق: ﴿وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4] وما اشتهر عند العامة أو عند بعض العامة من أن طلاق الحامل لا يقع فلا أصل له لا في الكتاب ولا في السنة ولا عند أهل العلم بل الحامل يقع عليها الطلاق، أما غير الحامل فلا يطلقها في حال الحيض ولا يطلقها في طهر من الحيض قد جامعها فيه لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ﴾[الطلاق: 1] وطلق ابن عمر -رضي الله عنمها- زوجته وهي حائض فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتغيظ في ذلك وقال لعمر حين أبلغه عن طلاق ابنه قال: (مره فليراجعها ثم يطلقها طاهرا أو حاملا) ولهذا ينبغي لمن طلب منه أن يكتب طلاق امرأة أن يستفصل الزوج فإذا كانت في الحال التي لا يجوز طلاقها فيها فإنه يتوقف ولا يكتب الطلاق ويرشد الزوجين الى الحالة التي يجوز فيها الطلاق ليكون على بصيرة.
قد يقول قائل إن المفتي لا يلزمه الاستفصال عن وجود المانع ولهذا لو سألك سائل فقال هلك هالك عن أب وأم فإنه لا يلزمك أن تسال هل الأب رقيق أو حر هل هو قاتل أو غير قاتل هل هو مخالف للدين أو غير مخالف فنقول الأمر كذلك أن المفتي لا يلزمه السؤال عن وجود المانع لأن الأصل عدمه لكن لما كان كثير من الناس اليوم يجهلون أحكام الطلاق صار من المناسب أن يسال من أراد الطلاق ليعرف هل في زوجته مانع يمنع وقوع الطلاق أم لا؟
وهنا مسألة ثانية أيضا في مسألة الطلاق وهي: أن المطلقة إذا كانت رجعية وهي التي يملك مطلقها إرجاعها إلى عصمته بدون عقد فإنه يلزمها أن تبقي في بيت زوجها حتى تنتهي العدة يقول الله تعالى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾[الطلاق: 1] فتبقى الزوجة التي يحق لزوجها أن يراجعها في العقد في بيت الزوج إلى أن تنتهي العدة وفي هذا الحال يجوز لها أن تتزين له وأن تكشف له وجهها وأن تحادثه وأن تخلوا به لأنها ما زلت زوجته إلا أنه لا يجامعها و إنما شرع الله -عز وجل- لها البقاء في البيت للحكمة التي ذكرها الله تعالى في آخر الآية وهي قوله: ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً﴾[الطلاق: 1] فقد يلقي الله في قلب الزوج إن كان هو الكاره للزوجة أو في قلبها إن كانت هي الكارهة له المحبة والألفة فتبقى في بيت زوجها لا تخرج منه فلا يحل لها أن تخرج ولا يحل لزوجها أن يخرجها من البيت حتى تنتهي العدة.
المصدر:
الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟