الجمعة 18 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 25-03-2020

إذا اشترى لابنه سيارة فهل له أن يوصي لأولاده الآخرين بقيمة سيارة؟ وحكم إعطاء بعض الأولاد شيئا من المال مقابل خدمتهم

السؤال
الفتوى رقم(2911)
أرجو من سماحتكم إفتائي عن الأمور التالية:
أولاً: من عنده أبناء، وزوج أكبرهم والذي يليه، وبقي منهم من هو على سن الزواج، ومن هو أقل من ذلك، فهل يجوز تضمين وصيته بشيء من المال لمن لم يتزوج بالغا كان أو من القصر بحدود تكاليف الزواج؟
ثانيًا: إذا اشترى الوالد سيارات لكل من أولاده الكبار، سواء من كان تحت ولايته أو من هو مستقل بحياته، فهل يجوز أن يوصي بشيء من ماله بعد وفاته لمن لم يعط سيارة من الأبناء الآخرين بالغين كانوا أو ما دون ذلك، وبحدود قيمة سيارة لكل واحد؟
ثالثًا: إذا كان للوالد أبناء يعيشون بعيدا عن والدهم، ومستقلين ماليا عنه، وأبناء آخرون يعيشون تحت كنف والدهم وقائمون بخدمته وتحت تصرفاته، فهل يجوز أن يبرهم والدهم بشيء من المال في حياته أو بعد مماته مقابل تضحيتهم ومرابطتهم مع والدهم، وكذلك الحال أيضا إذا كان له أكثر من زوجة وبنفس الصورة المذكورة؟
رابعًا: لا شك أن كل شيء يتركه المرتحل من الدنيا منقولا كان أو ثابتا هو ملك الورثة، وقد يحز في بعض النفوس أن تقوم موجودات سكنه العائشين عليها أبناؤه القصر وأمهم، ثم تباع أو تبقى بالبيت للقصر وأمهم، وتحتسب أقيامها من استحقاقهم الموروثة لهم.
وأحس أنني ممن يهمه ذلك أكثر، وأن الذي أفضله أن تبقى الموجودات من أثاث وسيارات وأطعمة وغيرها لصالح القصر وأمهم القائمة بتربيتهم؛ لأن البالغين قد تمهدت لهم سبل حياتهم المالية، وبلغ كل نصيبه من الوظائف والتعليم وغيرهما، ولكن هؤلاء القصر في أول السلم، وفي حاجة إلى العطف والرحمة والشفقة والتربية والتدريب إلى غير ذلك، وأن لا يجتمع عليهم فقدان والدهم وإسكانهم في سكن أقل من سكنهم الأول، ومن ثم سيكون له تأثر بالغ في نفوسهم أو تقوم تلك الموجودات بثمن قد يؤثر ماليا على مستحقاتهم الموروثة لهم من والدهم.
فالذي أرجوه من سماحتكم أخذ الموضوع من جميع أبعاده، وعكسياته، وإفتائي بما ترونه سماحتكم مبرئا للذمة، وضمانا للمصلحتين.
الجواب
أولاً: الأصل في هذا الباب وجوب العدل بين الأولاد؛ لورود الأدلة في ذلك، ومنها: أ- عن النعمان بن بشير قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. ب- عن جابر قال: «قالت امرأة بشير انحل ابني غلاما وأشهد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، فقال: أله إخوة؟ قال: نعم، قال: فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ قال: لا، قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير وقال فيه: «لا تشهدني على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم» . فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعدل بينهم، والأمر يقتضى الوجوب، ويؤكد دلالته على الوجوب قوله: فليس يصلح هذا وقوله: «وإني لا أشهد إلا على حق»وقوله: «لا تشهدني على جور» وكذلك ما جاء من الروايات في هذا المعنى.
ثانيًا: إذا أعطى بعضهم وترك البقية وجب عليه أن يستعيد ما أعطاه، ويدل على ذلك ما رواه النعمان بن بشير «أن أباه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: فأرجعه» متفق عليه ولفظ مسلم قال: «تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي - عمرة بنت رواحة - : لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانطلق أبي إليه يشهده على صدقتي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، فقال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة» وللبخاري مثله، لكن ذكره بلفظ العطية لا بلفظ الصدقة.
ثالثًا: يجوز للوالد أن يعطي من أولاده من قام لخدمته، والقيام بشئونه مقابل هذه الخدمة، وليس في ذلك تفضيل له عن إخوته الآخرين، بشرط أن يكون ما يدفعه له هو أجرة المثل، سواء كان ذلك يوميا أو شهريا أو سنويا.
رابعًا: إذا توفي الشخص فورثته يرثونه كل على حسب حصته الشرعية، ولا يجوز للمسلم أن يوصي لبعض ورثته بشيء من الزيادة على حقه الشرعي، لا من الإرث ولا غيره، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
المصدر:
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(16/200- 205)
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... عضو
عبد الرزاق عفيفي ... نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الرئيس

هل انتفعت بهذه الإجابة؟