الجواب
أولاً: الأصل في هذا الباب وجوب العدل بين الأولاد؛ لورود الأدلة في ذلك، ومنها: أ- عن النعمان بن بشير قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. ب- عن جابر قال: «قالت امرأة بشير انحل ابني غلاما وأشهد عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، فقال: أله إخوة؟ قال: نعم، قال: فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ قال: لا، قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير وقال فيه: «لا تشهدني على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم» . فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعدل بينهم، والأمر يقتضى الوجوب، ويؤكد دلالته على الوجوب قوله: فليس يصلح هذا وقوله: «وإني لا أشهد إلا على حق»وقوله: «لا تشهدني على جور» وكذلك ما جاء من الروايات في هذا المعنى.
ثانيًا: إذا أعطى بعضهم وترك البقية وجب عليه أن يستعيد ما أعطاه، ويدل على ذلك ما رواه النعمان بن بشير «أن أباه أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: فأرجعه» متفق عليه ولفظ مسلم قال: «تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي - عمرة بنت رواحة - : لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فانطلق أبي إليه يشهده على صدقتي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، فقال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة» وللبخاري مثله، لكن ذكره بلفظ العطية لا بلفظ الصدقة.
ثالثًا: يجوز للوالد أن يعطي من أولاده من قام لخدمته، والقيام بشئونه مقابل هذه الخدمة، وليس في ذلك تفضيل له عن إخوته الآخرين، بشرط أن يكون ما يدفعه له هو أجرة المثل، سواء كان ذلك يوميا أو شهريا أو سنويا.
رابعًا: إذا توفي الشخص فورثته يرثونه كل على حسب حصته الشرعية، ولا يجوز للمسلم أن يوصي لبعض ورثته بشيء من الزيادة على حقه الشرعي، لا من الإرث ولا غيره، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.