الإثنين 28 شوّال 1445 هـ

تاريخ النشر : 24-03-2020

هل يجب على المرأة أن تعيد الصلاة التي صلتها كاشفة قدميها ويديها جهلا منها؟

الجواب
العلماء رحمة الله عليهم قد نصوا على أن المرأة عورة، وأن الواجب عليها ستر بدنها في الصلاة، ما عدا وجهها، وهذا بناء على ما جاء في الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بيان أن المرأة عورة، واختلفوا في الكفين هل تستران أم يعفى عنهما؟ وأما القدمان فجمهور العلماء على أنهما يستران للصلاة، وأما الوجه فقد أجمعوا على أنه لا مانع من كشفه، وأن السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني: رجل غير محرم - فهذا هو المعتمد في هذا الباب، إن المرأة عليها أن تستر بدنها كله ما عدا وجهها وكفيها، والصحيح أن الكفين لا يجب سترهما في الصلاة، لكن سترهما أفضل خروجا من خلاف من أوجب سترهما، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم؛ لأن المرأة عورة وهما من العورة، ولا داعي إلى كشفهما, تسترهما بالجوربين، أو بالملابس الضافية التي تستر القدمين حال الصلاة، هذا هو الذي سبق مني غير مرة، وبينته لإخواني في هذا البرنامج: نور على الدرب، أن الواجب على المرأة أن تستر بدنها بالستر الكافي الذي لا يبين معه شيء من بدنها، يعني: سترا كافيا ليس رقيقا ولا شفافا، بل يكون سترا يغطي شعرها وبدنها ما عدا الوجه، فإن السنة كشفها له؛ إذا كانت ليس عندها رجل غير محرم. وأما الكفان فاختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما فإن كشفتهما فلا حرج. وأما القدمان مثلما تقدم سترهما هو الواجب.
أما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها فإذًا الواجب قضاؤها، لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلعل الله -جل وعلا- يعفو عنها فيما مضى، ولا يكون عليها القضاء، وقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لما «رأى رجلا يصلي وينقر صلاته دعاه فجاءه وسلم عليه، فقال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- ، فرد عليه السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فرد عليه النبي السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل " فعلها ثلاثا، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا لا أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له -عليه الصلاة والسلام-: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها» متفق على صحته، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية لجهله، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلا عذره -صلى الله عليه وسلم- في الأوقات الماضية، وأمره أن يعيد الحاضرة، فدل ذلك على أن من جهل شيئا من فرائض الصلاة، ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضرة، أما التي مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية بسبب جهله، وما في ذلك من المشقة، فهكذا التي صلت صلوات كثيرة قبل أن تعلم وجوب ستر القدمين فإنها لا إعادة عليها - إن شاء الله - على الصحيح؛ لأنها معذورة بالجهل، وإنما تلتزم في المستقبل، وتستقيم في المستقبل على ستر قدميها وبقية بدنها ما عدا الوجه والكفين كما تقدم، فإنهما ليسا عورة في الصلاة عند أهل العلم، ولكن إذا سترت الكفين خروجا من خلاف بعض أهل العلم فهذا حسن كما تقدم.
المصدر:
الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(7/ 249- 252)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟