الجواب
أولاً: معنى الطاغوت العام: هو كل ما عبد من دون الله مطلقًا تقربًا إليه بصلاة أو صيام أو نذر أو ذبيحة أو لجوء إليه فيما هو من شأن الله لكشف ضر أو جلب نفع أو تحكيما له بدلا من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ونحو ذلك.
والمراد بالطاغوت في الآية: كل ما عدل عن كتاب الله تعالى وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- إلى التحاكم إليه من نظم وقوانين وضعية أو تقاليد وعادات متوارثة أو رؤساء قبائل ليفصل بينهم بذلك، أو بما يراه زعيم الجماعة أو الكاهن.
ومن ذلك يتبين: أن النظم التي وضعت ليتحاكم إليها مضاهاة لتشريع الله داخلة في معنى الطاغوت، لكن من عبد من دون الله وهو غير راض بذلك كالأنبياء والصالحين لا يسمى طاغوتا، وإنما الطاغوت: الشيطان الذي دعاهم إلى ذلك وزينه لهم من الجن والإنس.
ثانيًا: المراد بالإرادة في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ﴾[النساء: 60] ما صحبه فعل أو قرائن وإمارات تدل على القصد والإرادة، بدليل ما جاء في الآية التي بعد هذه الآية ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾[النساء: 61] ويدل على ذلك أيضا: سبب النزول الذي ذكره ابن كثير وغيره في تفسير هذه الآية، وكذلك المتابعة دليل الرضا، وبذلك يزول الإشكال القائل: إن الإرادة أمر باطن فلا يحكم على المريد إلا بعلمها منه وهو غير حاصل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.