الجواب
أولاً: يجب عليك العدل في عطيتك لأولادك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- : «اتقوا الله واعدلوا في أولادكم» فتعدل فيما تهديه وتمنحه لهم، وفيما تساعدهم به كالزواج وغيره. لكن إن احتاج أحد أولادك للنفقة عليه -لفقره- دون غيره وجبت عليك نفقته، ولا يضرك في هذا عدم إعطاء الغني مثله؛ لأن باب النفقة غير باب العطية.
ثانيًا: أما الإنفاق على ولدك في الخارج فإن الدراسة في ديار الكفر لا تحل إلا للحاجة؛ لما في الذهاب لديارهم من كثرة التعرض للفتن والمحن والمنكرات المؤثرة على الدين والخلق، لكن إن اضطر ابنك للدراسة في الخارج، وكان مما يغلب على الظن تمسكه في دينه وعقله أمام هذه الشرور فلا حرج في إرساله والنفقة عليه.
ثالثًا: أما إنفاقك على زواج ابنتك نصف مليون ريال فهذا من الإسراف المنهي عنه، ويخشى عليك بذلك من العقوبة، إلا أن تتوب إلى الله -تعالى- وتترك هذا السرف، فإن المال مال الله تعالى، والخلق مستخلفون فيه؛ يدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾[النور: 33] وقوله: ﴿وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾[الحديد: 7] أي: جعلكم خلفاء في التصرف فيه، مع مراعاة الحدود الشرعية في ذلك. وقد ضبط الشرع المطهر تصرفاتنا في هذا المال، فنهى عن الإسراف والتبذير، قال تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا * وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾[الإسراء: 26- 29] وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾[الفرقان: 67] .
والمعنى: لم يسرفوا بمجاوزة حد الكرم والإنفاق في المعاصي، ولم يقتروا بالتضييق في الإنفاق تضييق الشحيح، وكان بين ذلك، أي: بين ما ذكر من الإسراف والقتر: قواما، أي: وسطا وعدلا.
رابعًا: أما التسوية بين الذكور والإناث في العطية فإن الواجب قسمتها حسب الفريضة الشرعية في الميراث، فإنها تمام العدل، فتعطي الذكر مثل حظ الأنثيين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.